بسم الله الرحمان الرحيم
صدر في القاهرة مؤخرا كتاب بعنوان "صورة العرب في أدب الحرب العبري للباحث عبد الوهاب الجبوري.
و يقدم الباحث في دراسته رؤية شاملة للاتجاهات الأدبية العبرية خلال فترات زمنية مختلفة واكبت الصراع العربي الصهيوني لرسم صورة صادقة عن العربي كما رسمها الأدب العبري الحديث.
وفي البداية يرجع الباحث إلي مرحلة ما قبل 1949 مشيراً إلي أن الكتابات الأدبية العبرية قبل حرب 1948 وتأسيس’إسرائيل ’ أتسمت بوجود ثلاثة مناحي ساهمت في رسم صورة الإنسان العربي أولها: أن فلسطين أرض خالية من السكان ولذا فمن حق المستوطنين اليهود الاستيطان بها وتعميرها.
أما الاتجاه الثاني فيتمثل في اعتراف المستوطنين اليهود بأن هناك شعباً يعيش في فلسطين ولكنه شعب يتصف بالهمجية والوحشية ويقطن الصحراء علي حد تعبير [بن جوريون] أول رئيس دولة ’لإسرائيل ’ ويصر علي إبراز الوحشية كسمة للإنسان العربي الذي يعيش في فلسطين.
أما الاتجاه الثالث في الكتابات الأدبية العبرية قبل حرب 1948 تأسس علي عدة فرضيات أهمها: أن العرب سيصبحون أقلية في فلسطين وهذا الأمر لا يحتمل النقاش أو الجدل لأن فلسطين أرض يهودية بالمفهوم الصهيوني كما أن قانون حق العودة إلي فلسطين يعطي كل يهودي الحق في العودة إلي فلسطين والاستقرار فيها.
ويجد الباحث أن الأمر لم يختلف كثيراً في صورة العرب قبل 1948 ثم ما تلاها من انتصار إسرائيلي عسكري علي العرب في 1967 وما بعدها من سنوات، فالاستراتيجية ثابتة لا تتغير وإنما التكتيك هو الذي يحدث فيه التغيير فقد سيطر علي الكتابات الأدبية خلال هذه الفترة اتجاه يقضي بإنكار الفلسطيني تماماً فجاءت الكتابات الأدبية خلال هذه الفترة تصور العرب في أبشع صورة وبينت بوضوح أن اليهود المتحضرين أبناء الشعب المختار يواجهون شعباً متجرداً من كل قيمة وتسيطر عليه نزعات الشر والعدوان، فالعرب في معظم هذه الكتابات كابوس مزعج يهدد كيان ’إسرائيل’ وحضارتها، وقد ألصقت به أسوأ الصفات فهو جبان، خبيث، مكار، قذر، متعطش إلي الدماء، إلي غير ذلك وهو تصوير حي للكيفية التي ينظر بها اليهود إلي العرب
وأخيراً يري الجبوري أنه علي الرغم من أنه بعد حرب 1973 تزعزعت إلي حد كبير ثقة غالبية المستوطنين اليهود بهذا التفوق، فبدأت تبحث عن بديل يخدم أهدافها في مقاومة الوجود الفلسطيني، ولذا وظفت مجموعة من الاتجاهات السلبية وعلي رأسها استخدام مصطلحي اللاجئين والمخربين. وقد ركزت الكتابات العبرية في هذه الفترة علي الإشارة إلي العرب وكأنهم وحدة سياسية واحدة يتبنون الاتجاه والأيديولوجيات السياسية نفسها، فهم أرادوا بذلك أن ينقلوا الصراع إلي دائرة أكبر هي الدائرة العربية التي تريد القضاء علي إسرائيل، فعلي سبيل المثال يتحدث الكاتب آري ألياف في كتابه أهداف جديدة ’لإسرائيل’ عن الصراع العربي الصهيوني. ويشير في أماكن مختلفة إلي العرب والدول العربية وجيراننا الأعداء كما تركزت كتابات من كتبوا في هذه الفترة علي ما سمته بـالعنف عند العرب.
وأخطر ما في الأمر هو محاولة بعض الكتاب العبريين ربط العرب بالنازية وأن كل العرب كانوا ومايزالون متعاطفين مع النازية، وقد بنوا علي ذلك استنتاجهم بأن العرب ضد السامية وقد ظهرت العديد من الكتب الإسرائيلية التي وصفت العرب بأنهم يتسمون بالتعصب وعدم التسامح وبأن الكراهية توجه سلوكهم.