من طرف دمشق: صدر مؤخرا عن اتحاد الكتاب العرب كتاب "تنسى وليامز والاتجاهات الحديثة فى المسرح العالمي" للدكتور شاكر الحاج مخلف، وعرض أحمد سيف الله.ووفقا
لصحيفة "العرب" اللندنية يعتبر الكتاب محاولة أولى فى الوطن العربى لتقديم
دراسة مستفيضة عن مسرح وليامز، وتحليل لمعظم مسرحياته، بحيث يشكل مصدراً
لدراسة نتاج الكاتب الذى اتخذ لمسرحه اتجاهاً مختلفاً، وفتح نافذة جديدة
للمسرح الأمريكي، عالج من خلالها هموم الإنسان، وفق نظريات العلم الحديث.يشير
المؤلف إلى أنه على الرغم من التغييرات الكثيرة التى طرأت على الحياة
الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية، فإن أوفر مؤلفى المسرح الأمريكى
بعد الحرب نصيباً من الاحترام هو تنسى وليامز، الذى أحرز أولى خطوات
النجاح بمسرحيات كتبت فى ظلال سنوات ما قبل الحرب.ولقد اعتبرت
مسرحياته من روائع المسرح الأمريكى الذى أفرز خلال سنوات تطوره عدداً
هائلاً من المسرحيات الجيدة، وهو من الكتّاب الذين أصبحت أعمالهم المسرحية
مدارس فى فن الكتابة للمسرح ولفهم التطور التاريخى لحركة المسرح الأمريكي.ويرى
المؤلف أننا عندما نتأمل حياة الكاتب تنسى وليامز، نجد أن ثلاث مراحل مهمة
اتسمت بها تجربته؛ الأولى التى أصر على تسميتها بمرحلة تجريب الأفكار
الشعرية والغنائية بقوالب وصيغ مسرحية، والثانية التى ظهر فيها باحثاً
ومتأثراً ومبدعاً فى مجال استلهام المورثات الشعبية والأساطير والحكايات
الخرافية، وبرز فيها التأثير الدينى وتأثره بالميثولوجيا اليونانية، وكذلك
الإيمان بأفكار فرويد، والثالثة التى حاول فيها تنسى وليامز ابتكار صيغ
وأفكار جديدة للمسرح، بقصص مألوفة ذات اتجاه جديد، مؤكداً أن عذاب البشرية
لا يمكن أن ينتهى إلا بتطوير تجارب الإنسان باتجاه خلق وضع اجتماعى جديد
يلغى كل أشكال التخلف والمعاناة. كما حاول أن يربط توجهات الإنسان نحو
السمو الدينى بالوعظ الخفى والتأكيد على أن الخالق كفيل بحل المشاكل
المعقدة ووضع الحل الأبدى لعذابات البشر.كتب وليامز مجموعة من
المسرحيات القصيرة تحمل عنوان "أحزان الأمريكيين"، صدرت بعد نجاح مسرحيتى
"مجموعة الحيوانات الزجاجية" و"عربة اسمها الرغبة". وجاءت أفكار تلك
المسرحيات سريعة قصيرة مقتضبة، إلا أنها اعتمدت أساليب مبتكرة للمعالجة
الدرامية فى مسرحية "معركة الملائكة" التى صدرت عام 1940. استغل وليامز
للمرة الثانية أحداث التشرد فى حياته، وتبدو المسرحية كأنها فكرة مقدسة
سيطرت على ذهن الكاتب، فهو يتناولها فى أكثر من مسرحية. ويقول وليامز عن
مسرحية "معركة الملائكة" إنها المسرحية التى استطاع من خلالها دخول عوالم
هوليوود من أوسع الأبواب مع كونها مسرحية ذات بيئة محدودة لم يتجاوز
تأثيرها حدود مدينة بوسطن.ويقول الدكتور شاكر: "إن تأثير أيام
الشقاء والتعاسة والمصير المجهول ظل مسيطراً على وليامز فى أعماله سواء فى
المسرح أو فى القصة، وظلت تلك الأفكار تتردد فى حوار وليامز المسرحي، كذلك
تبنّى أفكاراً مقاربة لأفكار د. هـ. لورنس، وحصل وليامز بفضل "معركة
الملائكة" على جائزة روكفلر، وقد أشار الناقد جون جاسنر إلى فشل المسرحية
فى كتابه " المسرح فى مفترق الطرق". كذلك أكد وليامز فى مقدمة مسرحيته
"الماضى والحاضر" أن أعماله ذات الأفكار التى تقترب من مناقشة الأزمات
والمشاكل الجنسية لم يحالفها الحظ ، بل قاطعها المجتمع دائماً على الرغم
من تضمينها أفكاراً مهمة وأساليب جديدة فى الكتابة للمسرح"."...على
الرغم من أن الدارما الأمريكية عكست منذ بدايتها تأثرها الشديد بالأنماط
الأوروبية والبريطانية بوجه خاص التى كانت سائدة فى تلك الفترة، كما يرى
الباحث، حيث كتب كتاب محترفون بوعى حاد وخبرة كبيرة فى مجال الدراما
المسرحية عالجوا فيها تقاليد ومواقف ومتاعب الجماهير وأزماتها فى صيغة
واقعية مفعمة بالمشاعر الإنسانية، إلا أن تلك المسرحيات لم تصمد على محك
الزمن صموداً يكفل لها الحياة".
